مسجد الخرقة الشريفة أو جامع البردة الشريفة (بالتركية: Hırka-i Şerif Camii) هو مسجد بني في عهد الدولة العثمانية، يوجد في منطقة الفاتح بمدينة إسطنبول التركية، ويُعد من أشهر المساجد في هذه المنطقة الأثرية وهو يقع بالقرب من مسجد الفاتح بالجزء الأوروبي من مدينة إسطنبول.
بُني المسجد بعدما جلب السلطان العثماني عبد الحميد الأول لإسطنبول بعد رحلته إلى الشرق “البُردَة” الخاصة بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم، أو «الخرقة الشريفة»، وهي عباءته التي أهداها إلي أويس القرني المرادي التابعي الجليل الذي أدرك زمن النبي محمد صلي الله عليه وسلم ولم يره.
التسمية
كلمة «خرقة» (بالتركية: Hırka) تعني بالتركية: «سترة من الصوف المحبوك» أو «عباءة» أو «سِتْرَة». ومنها جاء اسم هذا الجامع التركي الذي يحوي عباءة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم.
التاريخ
يُعد مسجد الخرقة الشريفة من المساجد القديمة التي يقصدها مئات الآلاف من البشر سنويا لرؤية عباءة النبي محمد صلي الله عليه وسلم. ويشهد المسجد توافداً من كافة أرجاء تركيا وأيضا من خارجها لإلقاء نظرة على العباءة، ويُسمح بالزيارة طيلة أيام شهر رمضان المُعظّم فقط، فيما يكون الجامع مفتوحاً أمام المصلين على مدار العام.
البردة
تعد بُـردة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم التي أُهديت إلى التابعي أُويس القــَـرَنـَي إحدى أهم مصادر الجذب في تركيا خلال شهر رمضان، إذ يتوافد الأتراك لرؤيتها من كل أنحاء البلاد حينما تعرض في المسجد في شهر رمضان فقط.
تعرّضت بعض أجزاء البُردة للتلف بسبب طريقة الحفظ التي كانت متبعة في الماضي، وهو ما دفع المشرفين عليها إلى الاستعانة بخبراء لحفظها وإعادة عرضها للجمهور. وقد تمت عملية الحفظ خلال عام كامل بوسائل لا تؤدي إلى تغيير أو إضافة في البردة.
كيف وصلت البردة إلى إسطنبول؟
عاشت بردة النبي عليه الصلاة والسلام يتناقلها 59 جيلاً من أحفاد شقيق التابعي أويس القرني، الذي أهداه النبي هذه البردة.
أما لماذا اختص النبي أويساً ببردته؟ فيُحكى أن التابعي أويس القرني أدرك زمن النبي دون أن يراه، إذ قطع مسافة طويلة من اليمن إلى المدينة المنورة لرؤية النبي عليه الصلاة والسلام، إلا أنه عندما وصل بعد سفر طويل كان النبي منشغلاً بغزوة تبوك، فعاد القرني أدراجه إلى اليمن مضطراً، حيث خلف أُمه المريضة هناك، دون أن يتمكن من رؤية النبي عليه الصلاة والسلام.
وقبل وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أوصى الصحابيين علياً بن أبي طالب وعمر بن الخطاب بتسليم بردته التي ارتداها يوم الإسراء والمعراج لأويس القرني، وقد التزم الصحابيان بالوصية.
وهكذا انتقلت البردة إلى القرني، الذي سافر فيما بعد إلى شمالي العراق، وقاتل في معركة صفين عام 657 إلى جانب الصحابي علي بن أبي طالب، واستشهد وقتها.
بعد ذلك انتقلت البردة إلى شقيق القرني، ووفقاً لبعض الروايات فقد بقيت العائلة تتوارثها عبر الأجيال منذ ذلك الحين حتى وصلت إلى يومنا هذا عن طريق أبناء الجيل الـ59.
ويحكى أن أحفاد شقيق القرني قد انتقلوا من الكوفة إلى الأناضول، حيث استُدعيت العائلة لتعيش في إسطنبول في عهد السلطان العثماني أحمد الأول.
وتقول رواية أخرى إن السلطان سليم الأول قد أحضر البردة إلى إسطنبول عام 1516، واحتفظ بها في مكان خاص في المدينة، إلى أن تم بناء جامع خاص لحفظها.