قصر دولمة بهشا
1856م – 1922م
السلطان عبد المجيد الأول وحتى السلطان عبد الحميد الثاني
قصر دولما بهشا او قصر السلاطين
هو قصر يقع في منطقة بشكتاش بإسطنبول في تركيا على الساحل الأوروبي من مضيق البوسفور، وكان بمثابة المركز الإداري الرئيسي للإمبراطورية العثمانية منذ عام 1856م حتى 1922م. وهو قصر يقع على جزء من الشريط الساحلي الذي يمتد من كره كوى وحتى اورتاكوي يربط بين منطقتي كاباتاش وبشكتاش وهو يقع مواجه لمنطقة اسكودار على الساحل الغربي لقناة البوسفور
أصل التسمية
دولمة باهشا اسم مركب من كلمتي “دولمة” و”باهشا”؛ فكلمة “دولمة” هي كلمة تركية الأصل، وتعنى بأنها ما رُدم بالتراب. أما كلمة “باهشا ” فهي تعني الحديقة الصغيرة، وأريد بها الحديقة أو البستان. ودولمة بهشا تعني حرفياً باللغة العربية “الحديقة المردومة”،وقد سمي القصر بهذا الاسم نظراً لأن الأرض التي شُيد عليها القصر تم ردمها، لأنها على شاطئ البوسفور.
سمي القصر بهذا الاسم، لان الأرضية التي بني فوقها، كانت عبارة عن ميناء طبيعي، تم حشوه وغمره بالتراب، في مطلع القرن السابع عشر، ليصبح حديقة خاصة بالسلاطين، حيث أطلق عليها اسم”دولمة باهتشة”، أي الحديقة المحشوة، ثم أمر السلطان عبد المجيد الأول، في عام 1843 ببناء القصر، الذي استغرق 13 عاما.
حظي هذا القصر باهتمام العالم حيث تم بناؤه على أفضل المواقع في أراضي إسطنبول، لاسيما على ساحل مضيق البوسفور الذي يربط البحر الأسود ببحر مرمرة، ويشكل مع مضيق الدردنيل الحدود الجنوبية بين قارتي آسيا وأوروبا، والذي صنفت مياهه ضمن مجال الملاحة الدولية، ويعد أحد أهم النقاط البحرية في العالم
يعتبر هذا القصر تحفة فنية معمارية، وكل قسم منه، يعتبر نموذجا فريدا في فن االعمارة ؛ فعلى البوسفور يطل القصر الصيني حيث غطيت الجدران بأجمل القطع الخزفية ، وإلى جواره تحفة أخرى هي القصر الكبير الذي يشكل الأساس ، ثم يتلوه قصر العمدان الرخامية، وقصر المابين وقاعة الديوان، وجميعها تشكل منظومة معمارية رائعة و مميزة
كما هو متعارف عليه في العمارة الإسلامية للقصور، فقد أقيم القصر على أعمدة رخامية رائعة الجمال، تربط ما بين الدهاليز والأقسام الأخرى. وعلى الرغم من أن هذا البناء الجديد قد ازدان بشتى الزخارف والأساليب المعمارية السائدة في القرن التاسع عشر، إلا أنه في العديد من أجنحته قد حافظ على الطابع المعماري القديم الذي يشهد بالعظمة ؛ فالمنظر العام للقصر، وقاعة الاستقبال المرتفعة وسط البناء، والدهاليز المغطاة والتي تربط بين القاعة، وبقية الأجنحة والقصور جميعها تشكل منظومة معمارية فريدة. وإذا ما تم الحديث عن أجزاء القصر بكل مشتملاته مائتي قاعة فريدة وجناح الخونكار (السلطان) وثمانية صالونات ضخمة يحمل كل صالون اسماً يميزه عن الصالونات الأخرى. أصغر هذه الصالونات بطول ثلاثة وأربعين مترا، وأوسعها صالون الاستقبال إذ يبلغ طوله سبعة وأربعين مترا.
خصائص القصر
كان قصر دولمة باهشة ذو الواجهة الشرقية باعتبار تشكلها من حدائق تحفها أسوار عالية، ووحدات متباعدة تقابلها واجهة غربية تطل على البحر؛ مشيدا على حافة ميناء بحري رخامي بطول 600م. يبلغ طول القصر من جناح المابين حتى جناح ولي العهد حوالي 284م. في منتصف هذه المسافة يوجد جناح المابين الذي يلفت النظر بارتفاعه. لقصر دولمة باهشة ثلاثة طوابق ومخطط متناسق، وبه 285 حجرة و43 صالوناً.
بُنيت أسس القصر من جذوع شجر الكستناء. ولواجهة الميناء المطلة على البحر بوابتان أثريتان شديدتا الزخرفة. وسط تلك السرايا الساحلية التي تحفها الأشجار المقلمة والأخاذة، يحتل صالون الاحتفالات أكثر أجزاء السريا ارتفاعاً ومكانة بين أقسامها. ويجذب بَهْوُ الاستقبال ذو الستة والخمسين عموداً اهتمام الزوار بثرياته الكريستال الرائعة التي تُضاء ب750 شمعة، والتي صُنعت في إنجلترا وتزن 750طناً.
يستخدم الجناح المقابل لبهو الاحتفالات وبهو مقابلات واستقبالات السلطان القائم بمدخل القصر، كجناح للحريم. ولا زالت تحتفظ زخارف المبنى الداخلية وأثاثه وبُسُطه الحرير وستائره وغير ذلك من متعلقات القصر، بجمالها القديم دون أن يمسها أي خلل. فقصر دولمة باهشة به من الثراء والعظمة ما لم يكن لقصر قط.
تمت زخرفة الجدران والسقوف بلوحات لفناني العصر الأوروبيين، كما تم تطعيمها بالذهب الذي يزن أطنانا. وكل المتعلقات في الغرف والأبهاء الهامة، لها نفس درجة اللون. وكل الأرضيات مختلفة عن بعضها ومغطاة بالباركيه ذي الأخشاب شديدة الزخرفة.وسجاد الحرير والصوف لمصنع هركة الشهير، أجمل آثار الفن التركي، مبسوط على بعض الأرضيات. تزين الأعمال اليدوية الزخرفية النادرة لأوروبا والشرق الأوسط أرجاء القصر. وبكثير من غرف القصر ثرياتُ الكريستال والقناديل والمدافئ. وأكبر بهو للحفلات الراقصة بين قصور العالم يوجد في قصر دولمة باهشة. وهناك ثريا كريستالية أصلية ضخمة تزن 4.5 طن معلقة في قبة يصل ارتفاعها إلى 36م. وفي الاجتماعات السياسية الهامة كانت تتم تدفئة ذلك البهو القائم للحفلات الراقصة والمعايدة بنظام يشبه نظام الفرن معدٍ تحت الطوابق. ودخل نظام التدفئة المركزية ونظام الكهرباء على القصر في عهد محمد رشاد فيما بين أعوام 1910:1912م.
وزين جزء في جناح السلاملك من المرحاض السادس برخام الأبستر المنقوش. تننقسم الأروقة العلوية للبهو الكبير إلى أجواق موسيقية والقسم الدبلوماسي. وفي جناح الحرملك الذي تم توصيله بالممر الكبير، أقسام مثل: غرفة نوم السلطان، وجناح السلطانة الأم، وجناح الخدم والنساء .وقد خُصص جناح الملحق الشمالي للقصر لولي العهد. وفي يومنا هذا يوظف البناء القائم مدخله بحي البشكتاش كمتحف للوحات الزيتية والتماثيل. أما من الجانب الخارجي لحرملك القصر يوجد مسرح القصر، والإسطبل الميري، المراكبية، ومخزن العطايا السنوية، ومطبخ الكوشخانة(منزل الطير)، والصيدلية، ومحل الكيك، ومحل الحلوى، والفرن، ومصنع الدقيق.
يشغل قصر طولمة باغجة ما يقرب من 250000 مترا مربعا. وقد شيد القصر كبناء حجري، غامرا البحر بكامل اجزائه، حَاشية أساسهِ (القواعد) من الطوب اللبن والخرسان المتين حتى إن سمكها ليتراوح ما بين 100 و 120سم مصبوبة في حمالات خشبية أفقية مقواة، مثبتة في هذه الأرض بخوازيق السنديان بقطرٍ يصل من 35 إلى 40 سم، وبحيز يصل من 40 إلى 45سم. وتتراوح أطوال هذه الخوازيق ما بين 700متر و 2700متر. أما الحمالات الأفقية الداعمة فهي على شكل مستطيل مساحته 20×25/
:20×30سم
. وقد أُعدت أسس الحشوات الخرسانية على شكل لبِنات حجرية بخارج كتلة 100: 200م. وأُعيد استخدام قواعد الحاشيات الرئيسية للقصور القديمة المتهدمة معالجين إياها. ولإنها غاية في المتانة فلم يحدث لها يوما أيُّ تصدع أو شرخ.
شُيدت الجدران الأساسية والخارجية للقصر من الحجر الخالص أما الجدران الداخلية فقد أُسست من الطوب اللبِن؛ وأُعدت الأثاثات، والسقوف، والسطوح من الخشب. واستُخدمت الإطارات الحديدية لتقوية أسوار القصر. وقد جُلبت الأحجار الخالصة من مدينة الخزندار وصفراكوي ومدينة شيلة وسراير. وكُسيت جدران الهيكل المشيدة من الطوب اللبن المكسوة بالرخام المرمر السُماقي وأخشاب عالية الجودة. تم تصنيع خشب الشرف من ألواح السنديان، كما صُنِعت الأبواب من خشب الجوز وألواح عالية الجودة. وجلبت كل من ألواح الصنوبر المصنوعة من الأغصان الرقيقة من رومنيا، وحمالات ودعامات السنديان من دميركويي وكيليوس، وألواح الأبواب والكسوة الخشبية والباركيه من أفريقيا وبلاد الهند.
وقد استخدم رخام المرمر في حمامات المباني التي تم تشييدها علي الطراز التركي، أما حمام السلطان فقد استخدم فيه حجر الألابستر المصري. ورُكِب في النوافذ زجاج تم تصنيعه خصيصاً كي لا يمرر الأشعة فوق البفسيجية.كانت نقوش الجدران والسقوف ولا سيما في الأماكن التي يقصدها السلطان أفضل بكثير من نظيراتها في الأماكن الأخرى. تم توصيل مياه المطر والثلج المتجمعة على سطوح القصر بالشباكات المصرفية من خلال المزاريب والجداول. أسست هذه الشباكات بأنابيب وافية تضمن أن تصب المياه العادمة في البحر من أربع أماكن متباعدة.
- يحتوي قصر دولمه بهشة على 285 غرفة، 68 حماماً، 44 قاعة، و6 حمامات تركية تقليدية.
- الثريّا البالغ وزنها 4.5 طن وهي هدية من الملكة فكتوريا، وتضم 750 مصباحاً.
- يزيّن القصر ما يقارب 131 سجّادة حريرية مصنوعة يدوياً، من مقاطعة (هيركي) Hereke.التركية
- كان قصر دولمه باهجة هو مقر سكن وإقامة الرئيس التركي الأسبق (مصطفى كمال أتاتورك) حيث توفي فيه سنة 1939.
- تمّت زخرفة القصر بأفخر أنواع الأحجار الكريمة، وتَزَيَّن بـ 202 لوحة زيتية تم رسمها من قبل أشهر الفنانين.
- تكلفة بناء قصر دولما بهجه
- كقصر تملؤه الرفاهية والترف، وجب أن تكون تكلفة بنائه مرتفعة جداً؛ حيث تم الإنفاق على هذه التحفة المعمارية ما يقارب خمسة ملايين ليرة ذهبية تركية، و35 طناً من الذهب الخالص. وتم جمع هذا المبلغ من عائدات الضرائب والديون، الأمر الذي وضع الإمبراطورية تحت عبئ هائل من الدّين، وبالتالي أدى إلى انهيار اقتصادي. حيث قدرت تكلفة بنائه بـ 1.5 مليار دولار وفقاً لأسعار اليوم.