Bursa Ulu Camii مسجد أولو جامع
مسجد أُولُو جامع بورصة بالتركية: Bursa Ulu Camii ومعناه «الجَامِعٌ الأَعْظَمُ» ببورصة وفي التسمية الأجنبية: «جامع بورصة الكبير»
هو مسجد كبير بناه السلطان العثماني بايزيد الأول أواخر القرن الرابع عشر الميلادي بمدينة بورصة، بتركيا.
اسم الجامع مأخوذ من اسم جبل أواوداغ: : Uludağ الشاهق ببورصة. بُني الجامع على الطريقة المعمارية السلجوقية بين عامي 1396م و1399م. وللجامع 20 قُبّة ، ومئذنتان.
التسمية
اسم هذا الجامع هو «أُولُو»، مأخوذ من اسم جبل «أُولُو» الشهير (جبل أولوطاغ) (بالتركية: Uludağ) ببورصة حيث «أُولو» (بالتركية: Ulu) تعني «شريف»، أو «عالي»، أو «سامي الرتبة»، أو «عظيم الشأن»، و«طاغ» تُعني «جبل» بالتركية (بالتُركيَّة العُثمانيَّة: اُلُوطاغ: Uludağ).
قصة بناء المسجد
تولي السلطان بايزيد الأول الحكم عام 1389م بعد استشهاد والده السلطان مراد الأول في معركة قوصوه ، فكان من ضمن أعماله بناء جامع ضخم في بورصة بين 1391-1395م هو جامع بايزيد الأول ويُسمَّى أيضا “جامع ييلدرم بايزيد” أو “جامع ييلدرم”.
بعد عام من انتهاء العمل في جامع بايزيد الأول، لاحت نُذُر معركة نيقوپولس عام 1396م، فنذر السلطان بايزيد الأول أن يبني عشرين جامعًا من مال الغنائم إن قُدِّر لهُ النصر في الحرب، وهذا ما كان، فقد انهزمت جيوش التحالف المجري البلغاري الويلزي الفرنسي البرغندي الألماني وقوات متنوعة (بمساعدة بحرية من البندقية) على يد الجيوش العثمانية، وكانت نهاية الإمبراطورية المجرية الثانية.
بعد تمام النصر، سارع السلطان بايزيد الأول مع رجاله إلى تحديد الأماكن التي ستُبنى فيها هذه المساجد وفاءً بنذره. ولكن بعد فترة اكتشف صُعوبة بناء عشرين جامعًا؛ فطلب من عُلماء الإسلام المُحيطين به، ومنهم صهره وزوج ابنته ومستشاره الشيخ «أمير سلطان»، إيجاد حلٍّ له، فوجدوا أنَّهُ قد قال في نذره «عشرين قبَّة» ولم يقل مساجد حرفيًّا، على اعتبار أن القبّة تعني مسجدًا، فاعتبروا أنَّهُ إذا بَنَى مسجدًا جامعًا بِعشرين قبَّة يكون قد أوفى بِالنذر.
وهكذا بُني أُولو جامع (جامع بورصة الكبير) على شكلِ مستطيلٍ تَعلُوُه عِشرُونَ قُبَّة كبيرة مُتلاصقة توجد تحت كل قبَّة منها مساحة كبيرة لِلصلاة،
تبلغ ساحة الصلاة حوالي 3800 م2 بواقع طول 56م وعرض 68م. يوجد بجانب الجامع المدرسة التي دُفن فيها السلطان بايزيد الأول.
تاريخ المسجد
كان المسجد وقت بنائه ذا مكانة واحترام كبيرين بين الناس، وكان شرفاً عظيماً للعلماء أن يُدرّسوا في رحابه. وفي قرون لاحقة تم رسم لوحات بالخط العربي داخل المسجد مما جعل له شهرةً خاصةً في المجتمع واهتماما خاصا به.
الأهمية المعمارية
يُمثّل مسجد أولو جامع نقطة تحول معمارية هامة للعمارة العثمانية المبكّرة في بورصة التي ظلت عاصمة للعثمانيين حتى قبيل فتح القسطنطينية عام 1453م، وظهرت لاحقاً في المساجد العثمانية باسطنبول بعد فتح القسطنطينية.
على الرغم من أن المسجد شمل بعضاً من عناصر العمارة السلجوقية التقليدية، إلا أن تخطيط الجامع جاء لأول مرة على شكل مستطيل بعيداً عن النمط التقليدي للمساجد العثمانية المبكرة ببورصة والتي كانت تُخَطّط على هيئة «T مقلوبة» وهو النمط المعروف «بنمط بورصة»
وعندما استلهم معمار سنان المساجد التي بناها في اسطنبول، جاء استلهامه من أولو جامع، وبهذا تطورت عمارة الجوامع العثمانية.
وصف المسجد
يُعتبر مسجد أولو جامع أكبر مسجد في مدينة بورصة كلها حتى هذا الوقت، وهو علامة على جمال فن العمارة العثمانية القديمة، والتي استَخدمت كثيرًا من عناصر العمارة السلجوقية.
يقع الجامع في ضاحية «عثمان غازي» بمدينة بورصة، وهي ضاحية تاريخية معنوية تحمل عبق القرون الأولي للدولة العثمانية من القرن الرابع عشر والخامس عشر. وتقع أضرحة السلطان الغازي أبو الملوك عثمان بن أرطغرل وابنه السلطان أورخان غازي على مقربة من الجامع بالإضافة إلى قبور السلاطين وقلعة بورصة والمباني التجارية (الخانات) التي ما تزال مستخدمة إلى اليوم.
توجد ثلاثة أبواب للجامع، تقع بالناحية الشرقية والغربية والشمالية، بينما يقع المحراب في الجدار الجنوبي.
توجد مقصورة خشبية للمؤذنين تقع مُقابل المنبر مباشرة، كما يوجد كرسي الواعظ من الرخام على أحد الأعمدة الإثناعشر للجامع، في مكان قريب من المحراب.
في الركن الأمامي علي يسار المحراب، الركن الجنوبي الشرقي، توجد مقصورة السلطان المبنية من الخشب وبجانبها كسوة باب الكعبة الشريفة لعام 1516م.
للمسجد مئذنتان اثنتان في الركنين الخلفيين منه. وبوسط المسجد حوض ماء كبير للوضوء، فوقه قبة زجاجية. شُيد منبر المسجد عام 1399م بواسطة فن تعشيق الخشب، ومازال موجوداً. والمسجد على ضخامته، قد رُوعي في تصميمه توزيع الضوء والحرارة داخله.
جدران المسجد
يمكن ملاحظة سُمك الجدران من خلال مشاهدة النوافذ المفتوحة في الجدران، حتى أنه يُمكن لبضعة مصلين الصلاة في نوافذ الجامع. يزداد سُمك الجدران عند قاعدة البناء، ويقل كلما ارتفع الجدار لأعلى. بُنيت جدران الجامع السميكة بخمسة طوابق من قطع الأحجار المقطوعة بدقّة، ولتقليل التأثير البصري الضخم على النفس، بُنيت القباب بأحزمة من الأقواس المقببة، وفي كل حزام زوجان من النوافذ. أُقيمت على الواجهات الخارجية لجدران المسجد أقواس متوازية مع كل صف من صفوف القباب، في كل قوس نافذتان علويتان ونافذتان في مستوى أرضية الجامع لإدخال الضوء إلى ساحة الصلاة.
المئذنتان
للمسجد مئذنتان اثنتان في الركنين الخلفيين منه، على الجدار الشمالي للمبنى. تم بناء المئذنتين لاحقاً بعد اتمام بناء الجامع. كلتا المئذنتين لا تستندان على جدران الجامع السميكة، بل منفصلتان تبدآن من الأرض.
قاعدة المئذنة على شكل مثمن ومن الرخام الخالص، وباقي جسم المئذنة مصنوع من الطوب. وتتزين قاعدتا المئذنتين بالمقرنصات. بنى المئذنة الغربية السلطان بايزيد الأول، وشرفتها مبنية بالرخام من الخارج وبالطوب من الداخل. وبُنيت المئذنة الشرقية لاحقا من قبل ابنه السلطان محمد الأول على بعد متر واحد من جدار الجامع، أما الشرفات فمبنية على شكل مربع، وتوجد لكل مئذنة شرفة.
اندلع حريق في عام 1889م، فتم استبدال رأسي المئذنتين اللتين كانتا من الرصاص، بمخروطين مصنوعين من الحجر، لمنع تراكم الثلوج فوقها.
كان مسجد «أُولُو جامع» أحد أهم خمسة مساجد في العالم الإسلامي في زمن بنائه. وهو يُعتبر بداية انطلاقة العمارة العثمانية.
يوجد بالجامع كسوة باب الكعبة الشريفة التي أعدها المماليك في مصر عام 1516م، وقد أُحضرت الكسوة من مكة بعد استبدالها بأخرى جديدة في أول حج بعد الفتح العثماني لمصر والحجاز، وأُعطيت لخليفة المسلمين السلطان سليم الأول (ولقبه: ياوز سليم) عام 1517م فأودعها أولو جامع ببورصة. تلك الكسوة هي وثيقة سياسية هامة تمثل انتقال الخلافة من العباسيين المقيمين في مصر إلى الدولة العثمانية، وهي أقدم كسوة كاملة لباب الكعبة معروفة حالياً في العالم.
يُشير المنبر الخشبي بالجامع الذي صُنع عام 1399م إلى تقدّم العلوم والفنون الإسلامية، إذ توجد على جانبي منبر الجامع تراكيب خشبية دقيقة عن النظام الشمسي وعن المجرة مُشكّلة بفن تعشيق الخشب، توضح الحركات المدارية لكواكب المجموعة الشمسية وبُعدها عن الشمس وفرق الحجم بينهما.
أُضيف إلى الجامع في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي لوحات فنية للخط العربي مكتوبة بخط ذهبيّ على مخمل أخضر غامق اللون، وعلى جدران الجامع وأعمدته الضخمة المضلعة، اجتمع لها أبرع الخطاطين في ذلك العصر بأمر الخليفة العثماني، مما يُعَدُّ ميزة متفردة للجامع في العصر الحديث. يقع الجامع الآن في وسط مدينة بورصة بتركيا ضمن ما يُعرف بالسوق المسقوف أو السوق الكبير (البازار)، ويطل على شارع أتاتورك، ويبعد عن المجمع التجاري الشهير بميدان «كنت»